فَنَادَى: ادْعُوا لِيَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَإِنِّي عَلِيٌّ. فَدُعِيَ لَهُ الزُّبَيْرُ فَأَقْبَلَ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا زُبَيْرُ، نَاشَدْتُكَ بِاللَّهِ «أَتَذْكُرُ يَوْمَ مَرَّ بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: " يَا زُبَيْرُ، تُحِبُّ عَلِيًّا؟ " فَقُلْتَ: أَلَا أُحِبُّ ابْنَ خَالِي وَابْنَ عَمِّي وَعَلَى دِينِي؟ فَقَالَ: " يَا عَلِيٌّ، أَتَحِبُّهُ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُحِبُّ ابْنَ عَمَّتِي وَعَلَى دِينِي؟ فَقَالَ: " يَا زُبَيْرُ أَمَا وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: بَلَى. وَاللَّهِ لَقَدْ نَسِيتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرْتُهُ الْآنَ، وَاللَّهِ لَا أُقَاتِلُكَ. فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ عَلَى دَابَّتِهِ يَشُقُّ الصُّفُوفَ، فَعَرَضَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَالَكَ؟ فَقَالَ: ذَكَّرَنِي عَلِيٌّ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ» . فَلَا أُقَاتِلُهُ. فَقَالَ: وَلِلْقِتَالِ جِئْتَ؟! إِنَّمَا جِئْتَ تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيُصْلِحُ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ. قَالَ: قَدْ حَلَفْتُ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ. قَالَ: فَأَعْتِقَ غُلَامَكَ جِرْجِسَ، وَقِفْ حَتَّى تُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ. فَأَعْتَقَ غُلَامَهُ وَوَقَفَ، فَلَمَّا اخْتَلَفَ أَمْرُ النَّاسِ ذَهَبَ عَلَى فَرَسِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا قُطْنُ بْنُ نُسَيْرٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا جَدِّي وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَرْوَةَ الْمَازِنِيِّ قَالَ: «سَمِعْتُ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيٌّ يَقُولُ لَهُ: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ يَا زُبَيْرُ، أَمَا سَمِعْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute