وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا الرِّيحَ حَتَّى أَيْبَسَتْهَا، وَمَشَتِ الْخُيُولُ عَلَيْهَا بِلَا انْزِعَاجٍ، حَتَّى جَاوَزُوا، عَنْ آخِرِهِمْ وَأَقْبَلَ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ، وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَسَّطُوهُ وَهَمَّ أَوَّلُهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ أَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ، فَارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَمَا لَمْ يُفْقَدْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاحِدٌ، فَفِي ذَلِكَ آيَةٌ عَظِيمَةٌ بَلْ آيَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِصَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، مِنْ مَسِيرِهِمْ عَلَى تَيَّارِ الْمَاءِ الْجَارِي، فَلَمْ يُفْقَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَفْقِدُوا شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ، هَذَا وَهُمْ أَوْلِيَاءُ، مِنْهُمْ صَحَابِيٌّ وَتَابِعِيَّانِ، فَمَا الظَّنُّ أَنْ لَوِ احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ! سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِهِمْ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَإِمَامِهِمْ لَيْلَتَئِذٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمْ، وَدَارُ بِدَايَتِهِمْ، وَخَطِيبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ، وَأَوَّلِ شَافِعٍ فِي الْمَحْشَرِ، وَفِي الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ، وَفِي دُخُولِهِ الْجَنَّةَ، وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ بِهَا، كَمَا بَسَطْنَا أَقْسَامَ الشَّفَاعَةِ وَأَنْوَاعَهَا فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. وَسَنَذْكُرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ الْمُوسَوِيَّةِ مَا وَرَدَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute