خُمُودِ نَارِ فَارِسَ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ الْكَرِيمِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ عِنْدَ ذَكَرِ الْمَوْلِدِ الْمُطَهَّرِ الْمُشَرَّفِ الْمُكَرَّمِ، بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ.
ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا: مَعَ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي النَّارِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بِبَرَكَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ. قَالَ: تَنَبَّأَ الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ فَقَالَ لَهُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَسْمَعُ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَسْمَعُ. فَأَمَرَ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ فَأُجِّجَتْ، وَطُرِحَ فِيهَا أَبُو مُسْلِمٍ فَلَمْ تَضُرَّهُ. فَقِيلَ لَهُ: لَئِنْ تَرَكْتَ هَذَا فِي بِلَادِكَ أَفْسَدَهَا عَلَيْكَ. فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيلِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ: مَا فَعَلَ عَدُوُّ اللَّهِ بِصَاحِبِنَا الَّذِي حَرَقَهُ بِالنَّارِ فَلَمْ تَضُرَّهُ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ. قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمَّ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَهَذَا السِّيَاقُ الَّذِي أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي تَرْجَمَةِ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثُوَبٍ فِي " تَارِيخِهِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute