للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: فَأَنَا أَدْرَكْتُ رِجَالًا مِنَ الْأَمْدَادِ الَّذِينَ يُمَدُّونَ إِلَيْنَا مِنَ الْيَمَنِ ; مِنْ خَوْلَانَ، رُبَّمَا تَمَازَحُوا فَيَقُولُ الْخَوْلَانِيُّونَ لِلْعَنْسِيِّينَ: صَاحِبُكُمُ الْكَذَّابُ حَرَقَ صَاحِبَنَا بِالنَّارِ فَلَمْ تَضُرَّهُ.

وَرَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دُحَيْمٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ خَوْلَانَ أَسْلَمَ، فَأَرَادَهُ قَوْمُهُ عَلَى الْكُفْرِ، فَأَلْقَوْهُ فِي نَارٍ فَلَمْ يَحْتَرِقْ مِنْهُ إِلَّا أُنْمُلَةٌ لَمْ يَكُنْ فِيمَا مَضَى يُصِيبُهَا الْوُضُوءُ، فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ أُلْقِيتَ فِي النَّارِ فَلَمْ تَحْتَرِقْ. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَكَانُوا يُشَبِّهُونَهُ بِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تُحَقِّقُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ الشَّرِيعَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ الْمُطَهَّرَةَ الْمُقَدَّسَةَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: " «وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَوَاضِعَ السُّجُودِ» ". وَقَدْ نَزَلَ أَبُو مُسْلِمٍ بِدَارَيَّا مِنْ غَرْبِيِّ دِمَشْقَ، وَكَانَ لَا يَسْبِقُهُ أَحَدٌ إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِدِمَشْقَ وَقْتَ الصُّبْحِ، وَكَانَ يُغَازِي فِي بِلَادِ الرُّومِ، وَلَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ بِدَارَيَّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَقَامُهُ الَّذِي كَانَ يَكُونُ فِيهِ، فَإِنَّ الْحَافِظَ ابْنَ عَسَاكِرَ رَجَّحَ أَنَّهُ مَاتَ بِبِلَادِ الرُّومِ، فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَقِيلَ: فِي أَيَّامِ ابْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>