للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمُعْجِزَاتِ، وَقَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ أُوتِيَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مَا يَقْتَضِي إِيمَانَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْ أُولِي الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى، لَا مِنْ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالشَّقَاءِ، «وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ» ; أَيْ جُلُّهُ وَأَعْظَمُهُ وَأَبْهَرُهُ، الْقُرْآنُ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَبِيدُ وَلَا يَذْهَبُ كَمَا ذَهَبَتْ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ وَانْقَضَتْ بِانْقِضَاءِ أَيَّامِهِمْ فَلَا تُشَاهَدُ، بَلْ يُخْبَرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ أَوِ الْآحَادِ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ، مُسْتَمِرَّةٌ دَائِمَةُ الْبَقَاءِ بَعْدَهُ، مَسْمُوعَةٌ لِكُلٍّ مَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ ذِكْرُ مَا اخْتُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بَقِيَّةِ إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي;

<<  <  ج: ص:  >  >>