للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى هُيِّئَ لَهُ الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا هُيِّئَ لَهُ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سَمِعَ صَوْتَهُ، فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ، رَحِمَهُ اللَّهُ يَذْكُرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِذْعَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْحَيَاةِ، وَمَعَ هَذَا حَصَلَ لَهُ شُعُورٌ وَوَجْدٌ لَمَّا تَحَوَّلَ عَنْهُ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَأَنَّ وَحَنَّ حَنِينَ الْعِشَارِ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَضَنَهُ وَسَكَّنَهُ حَتَّى سَكَنَ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: فَهَذَا الْجِذْعُ حَنَّ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ أَحَقُّ أَنْ يَحِنُّوا إِلَيْهِ. وَأَمَّا عَوْدُ الْحَيَاةِ إِلَى جَسَدٍ كَانَتْ فِيهِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَعَظِيمٌ، وَهَذَا أَعْجَبُ وَأَعْظَمُ مِنْهُ إِيجَادُ حَيَاةٍ وَشُعُورٍ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ مَأْلُوفًا لِذَلِكَ، لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَبْلُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

تَنْبِيهٌ: وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاءٌ يُحْمَلُ مَعَهُ فِي الْحَرْبِ يَخْفِقُ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَتْ لَهُ عَنَزَةٌ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ وَلَا حَائِلَ رُكِزَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ لَهُ قَضِيبٌ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ إِذَا مَشَى، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ سَطِيحٌ فِي قَوْلِهِ لِابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ بُقَيْلَةَ: يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ، إِذَا كَثُرَتِ التِّلَاوَهْ، وَظَهْرَ صَاحِبُ الْهِرَاوَهْ، وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَهْ، فَلَيْسَتِ الشَّامُ لِسَطِيحٍ شَامًا. وَلِهَذَا كَانَ ذِكْرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ إِحْيَاءِ عَصَا مُوسَى وَجَعْلِهَا حَيَّةً أَلْيَقَ ; إِذْ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لِذَلِكَ، وَهَذِهِ مُتَعَدِّدَةٌ كَثِيرَةٌ فِي مَحَالٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>