شَيْءٍ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَّانِ مِنَ الْجُوعِ. وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] بِذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي غَيْرِمَا مَوْضِعٍ مِنْ " صَحِيحِهِ " ثُمَّ تَوَسَّلُوا إِلَيْهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ بُعِثَ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ، فَدَعَا لَهُمْ فَأَقْلَعَ عَنْهُمْ وَرُفِعَ عَنْهُمْ، وَأُحْيُوا بَعْدَمَا كَانُوا أَشْرَفُوا عَلَى الْهَلَكَةِ.
وَأَمَّا فَلْقُ الْبَحْرِ لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ تَرَاءَى الْجَمْعَانِ - أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ بَاهِرَةٌ، وَحُجَّةٌ قَاطِعَةٌ قَاهِرَةٌ. وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " وَفِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَفِي إِشَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ إِلَى قَمَرِ السَّمَاءِ، فَانْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ وَفْقَ مَا سَأَلَتْهُ قُرَيْشٌ وَهُمْ مَعَهُ جُلُوسٌ، فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ، أَعْظَمُ آيَةٍ، وَأَيْمَنُ دَلَالَةٍ، وَأَوْضَحُ حُجَّةٍ، وَأَبْهَرُ بِرِهَانٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يُنْقَلْ مُعْجِزَةٌ عَنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْآيَاتِ الْحِسِّيَّاتِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، كَمَا قَرَّرْنَا ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ فِي " التَّفْسِيرِ " وَفِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ، وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ حَبْسِ الشَّمْسِ قَلِيلًا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنَ الْفَتْحِ لَيْلَةَ السَّبْتِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ، مَعَ مَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عِنْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ مَسِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute