للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ مَشْهُورٌ يَقْصِدُهُ الْحُجَّاجُ وَيَرَوْنَهُ، وَعَادَتِ الصَّخْرَةُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ كَهَيْئَةِ الْعَجِينِ، فَرَبَطَ بِهَا دَابَّتَهُ الْبَرَّاقَ، يَلْمَسُهُ النَّاسُ، إِلَى يَوْمِنَا هَذَا بَاقٍ.

وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ وَبَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَلَعَلَّهُ قَدْ أَسْنَدَهُ هُوَ فِيمَا سَلَفَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ فِي السِّيَرِ الْمَشْهُورَةِ، وَأَمَّا رَبْطُ الدَّابَّةِ فِي الْحَجَرِ فَصَحِيحٌ، وَالَّذِي رَبَطَهَا جِبْرِيلُ كَمَا هُوَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: ٢٠] . فَقَدْ كَانَتِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُوتِيَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشِّرْعَةُ الَّتِي شُرِعَتْ لَهُ أَكْمَلَ مِنْ كُلِّ حِكْمَةٍ وَشِرْعَةٍ كَانَتْ لِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ جَمَعَ لَهُ مَحَاسِنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَفَضَّلَهُ، وَأَكْمَلَ لَهُ وَآتَاهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا قَبْلَهُ، وَقَدْ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَاخْتُصِرَتْ لِيَ الْحِكْمَةُ اخْتِصَارًا» . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَرَبَ أَفْصَحُ الْأُمَمِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحَهُمْ نُطْقًا، وَأَجْمَعَ لِكُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ مُطْلَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>