وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَخْلُوقٌ بِالْكَلِمَةِ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، كَمَا خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَكَمَا خُلِقَ آدَمُ لَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا مِنْ أُنْثَى، وَإِنَّمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ عِيسَى بِالْكَلِمَةِ وَبِنَفْخِ جِبْرِيلَ فِي فَرْجِ مَرْيَمَ، فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا عِيسَى.
وَمِنْ خَصَائِصِهِ وَأُمِّهِ أَنَّ إِبْلِيسَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، حِينَ وُلِدَ ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ كَمَا جَاءَ فِي " الصَّحِيحِ ". وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَهُوَ حَيٌّ الْآنَ بِجَسَدِهِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا. وَسَيَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، وَيَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، ثُمَّ يَمُوتُ وَيُدْفَنُ بِالْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي قِصَّتِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَمَّا مُعْجِزَاتُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمِنْهَا إِحْيَاءُ الْمَوْتَى، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَإِحْيَاءُ الْجَمَادِ أَبْلَغُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ كَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِّرَاعَ الْمَسْمُومَةَ، وَهَذَا الْإِحْيَاءُ أَبْلَغُ مِنْ إِحْيَاءِ الْإِنْسَانِ الْمَيِّتِ مِنْ وُجُوهٍ ; أَحَدُهَا، أَنَّهُ إِحْيَاءُ جُزْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ دُونَ بُقِّيةِ بَدَنِهِ، وَهَذَا مُعْجِزٌ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْبَدَنِ. الثَّانِي: أَنَّهُ أَحْيَاهُ وَحْدَهُ مُنْفَصِلًا عَنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَعَ مَوْتِ الْبَقِيَّةِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَعَادَ عَلَيْهِ الْحَيَاةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute