للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِهَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي مُقَابَلَةِ زُهْدِ عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، زَهَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُنُوزِ الْأَرْضِ حِينَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَأَبَاهَا، وَقَالَ: " «أَجُوعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا» ". وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ زَوْجَةً يَمْضِي عَلَيْهِنَّ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ لَا تُوقَدُ عِنْدَهُنَّ نَارٌ وَلَا مِصْبَاحٌ، إِنَّمَا هُوَ الْأَسْوَدَانِ ; التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَرُبَّمَا رَبَطَ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ، وَمَا شَبِعُوا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، وَكَانَ فِرَاشُهُ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ، وَرُبَّمَا اعْتَقَلَ الشَّاةَ لِيَحْلِبَهَا، وَرَقَّعَ ثَوْبَهُ، وَخَصَفَ نَعْلَهُ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَمَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ عَلَى طَعَامٍ اشْتَرَاهُ لِأَهْلِهِ، هَذَا وَكَمْ آثَرَ بِآلَافٍ مُؤَلَّفَةٍ وَالْإِبِلِ وَالشَّاءِ وَالْغَنَائِمِ وَالْهَدَايَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ وَالْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ وَالْأَسْرَى وَالْمَسَاكِينِ.

وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُقَابَلَةِ تَبْشِيرِ الْمَلَائِكَةِ لِمَرْيَمَ الصِّدِّيقَةِ بِمَوْلِدِ عِيسَى، مَا بُشِّرَتْ بِهِ آمِنَةُ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ فِي مَنَامِهَا، وَمَا قِيلَ لَهَا: إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا. وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي الْمَوْلِدِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ هَا هُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا مُطَوَّلًا بِالْمَوْلِدِ أَحْبَبْنَا أَنْ نَسُوقَهُ لِيَكُونَ الْخِتَامَ نَظِيرَ الِافْتِتَاحِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>