حَيْثُ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ فَيُغِيرُوا عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي، فَخَرَجُوا إِلَى الْجُرْفِ فَخَيَّمُوا بِهِ، وَكَانَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَيُقَالُ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. فَاسْتَثْنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ; لِلصَّلَاةِ - فَلَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامُوا هُنَالِكَ، فَلَمَّا مَاتَ عَظُمَ الْخُطَبُ وَاشْتَدَّ الْحَالُ وَنَجَمَ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ، وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَامْتَنَعَ آخَرُونَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إِلَى الصِّدِّيقِ، وَلَمْ تَبْقَ الْجُمُعَةُ تُقَامُ فِي بَلَدٍ سِوَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ جُوَاثَا مِنَ الْبَحْرَيْنِ أَوَّلَ قَرْيَةٍ أَقَامَتِ الْجُمُعَةَ بَعْدَ رُجُوعِ النَّاسِ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ كَانَتْ ثَقِيفٌ بِالطَّائِفِ ثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، لَمْ يَفِرُّوا وَلَا ارْتَدُّوا.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ أَشَارَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى الصِّدِّيقِ أَنْ لَا يُنْفِذَ جَيْشَ أُسَامَةَ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ الْآنَ مِمَّا جُهِّزَ بِسَبَبِهِ فِي حَالِ السَّلَامَةِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَشَارَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَامْتَنَعَ الصِّدِّيقُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ إِلَّا أَنْ يُنْفِذَ جَيْشَ أُسَامَةَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ أَنَّ الطَّيْرَ تَخَطَفُنَا، وَالسِّبَاعَ مِنْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْكِلَابَ جَرَّتْ بِأَرْجُلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، لَأُجَهِّزَنَّ جَيْشَ أُسَامَةَ. فَجَهَّزَهُ وَأَمَرَ الْحَرَسَ يَكُونُونَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ خُرُوجُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ أَكْبَرِ الْمَصَالِحِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute