فَيْرُوزُ - إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الدَّارِ بَيْتٌ إِلَّا وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِهِ، غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّ ظَهْرَهُ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّرِيقِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ مِنْ دُونِ الْحَرَسِ، وَلَيْسَ مِنْ دُونِ قَتْلِهِ شَيْءٌ، وَإِنِّي سَأَضَعُ فِي الْبَيْتِ سِرَاجًا وَسِلَاحًا. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا تَلَقَّاهُ الْأَسْوَدُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَدْخَلَكَ عَلَى أَهْلِي؟ وَوَجَأَ رَأْسَهُ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ شَدِيدًا، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ فَأَدْهَشَتْهُ عَنْهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَتَلَهُ، وَقَالَتِ: ابْنُ عَمِّي جَاءَنِي زَائِرًا. فَقَالَ: اسْكُتِي لَا أَبَا لَكِ، قَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ. فَخَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: النِّجَاءَ النِّجَاءَ. وَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَحَارُوا مَاذَا يَصْنَعُونَ؟ فَبَعَثَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِمْ تَقُولُ لَهُمْ: لَا تَنْثَنُوا عَمَّا كُنْتُمْ عَازِمِينَ عَلَيْهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ فَاسْتَثْبَتَ مِنْهَا الْخَبَرَ، وَدَخَلُوا إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَنَقَبُوا مِنْ دَاخِلِهِ بَطَائِنَ ; لِيَهُونَ عَلَيْهِمُ النَّقْبُ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَهَا جَهْرَةً كَالزَّائِرِ، فَدَخَلَ الْأَسْوَدُ فَقَالَ: وَمَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي مَنِ الرَّضَاعَةِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي. فَنَهَرَهُ وَأَخْرَجَهُ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ نَقَبُوا ذَلِكَ الْبَيْتَ فَدَخَلُوا فَوَجَدُوا فِيهِ سِرَاجًا تَحْتَ جَفْنَةٍ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ وَالْأَسْوَدُ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشٍ مِنْ حَرِيرٍ، قَدْ غَرِقَ رَأْسُهُ فِي جَسَدِهِ، وَهُوَ سَكْرَانُ يَغُطُّ، وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَامَ فَيْرُوزُ عَلَى الْبَابِ أَجْلَسَهُ شَيْطَانُهُ وَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ - وَهُوَ نَائِمٌ مَعَ ذَلِكَ يَغُطُّ - فَقَالَ: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا فَيْرُوزُ؟ فَخَشِيَ إِنْ رَجَعَ أَنْ يَهْلِكَ وَتَهْلِكَ الْمَرْأَةُ، فَعَاجَلَهُ وَخَالَطَهُ، وَهُوَ مِثْلُ الْجَمَلِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَدَقَّ عُنُقَهُ، وَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ فِي ظَهْرِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ إِلَى أَصْحَابِهِ لِيُخْبِرَهُمْ، فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بِذَيْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute