طَرَقْنَا بَنِي عَبْسٍ بِأَدْنَى نِبَاجِهَا
وَذُبْيَانَ نَهْنَهْنَا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ
فَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى نَصْرِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ قَبِيلَةٍ، وَذَلَّ الْكُفَّارُ فِي كُلِّ قَبِيلَةٍ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، سَالِمًا غَانِمًا، وَطَرَقَتِ الْمَدِينَةُ فِي اللَّيْلِ صَدَقَاتُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَصَفْوَانَ، وَالزِّبْرِقَانِ، إِحْدَاهَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْسَطِهِ، وَالثَّالِثَةُ فِي آخِرِهِ، وَقَدِمَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَشِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْأَنْقَابِ، فَكَانَ الَّذِي بَشَّرَ بِصَفْوَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالَّذِي بَشَّرَ بِالزِّبْرِقَانِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالَّذِي بَشَّرَ بِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَيُقَالُ: أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ لَيْلَةً مِنْ مُتَوَفَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَيَالٍ، فَاسْتَخْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُرِيحُوا ظَهْرَهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ أَبُو بَكْرٍ فِي الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْوَقْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ، فَقَالَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ: لَوْ رَجَعْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَرْسَلْتَ رَجُلًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، وَلَأُوَاسِيَنَّكُمْ بِنَفْسِي. فَخَرَجَ فِي تَعْبِئَتِهِ إِلَى ذِي حُسًى وَذِي الْقَصَّةِ، وَالنُّعْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَسُوَيْدٌ بَنُو مُقَرِّنٍ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَهْلِ الرَّبْذَةِ بِالْأَبْرَقِ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ وَذُبْيَانَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، فَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَ اللَّهُ الْحَارِثَ وَعَوْفًا، فَأُخِذَ الْحُطَيْئَةُ أَسِيرًا، فَطَارَتْ بَنُو عَبْسٍ وَبَنُو بَكْرٍ، وَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْأَبْرَقِ أَيَّامًا، وَقَدْ غَلَبَ بَنُو ذُبْيَانَ عَلَى الْبِلَادِ، فَقَالَ: حَرَامٌ عَلَى بَنِي ذُبْيَانَ أَنْ يَتَمَلَّكُوا هَذِهِ الْبِلَادَ إِذْ غَنَّمَنَاهَا اللَّهُ، وَحَمَى الْأَبْرَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute