للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، فَعَجِلَ عِكْرِمَةُ قَبْلَ مَجِيءِ صَاحِبِهِ شُرَحْبِيلَ، فَنَاجَزَهُمْ فَنُكِبَ، فَانْتَظَرَ خَالِدًا، فَلَمَّا سَمِعَ مُسَيْلِمَةُ بِقُدُومِ خَالِدٍ، عَسْكَرَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: عَقْرَبَاءُ. فِي طَرَفِ الْيَمَامَةِ، وَالرِّيفُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَنَدَبَ لَهُ النَّاسَ وَحَثَّهُمْ، فَحَشَدَ لَهُ أَهْلَ الْيَمَامَةِ، وَجَعَلَ عَلَى مُجَنِّبَتَيْ جَيْشِهِ الْمُحْكَمَ بْنَ الطُّفَيْلِ، وَالرَّجَّالَ بْنَ عُنْفُوَةَ بْنِ نَهْشَلٍ، وَكَانَ الرَّجَّالُ هَذَا صَدِيقُهُ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ مَعَهُ مُسَيْلِمَةَ بْنَ حَبِيبٍ فِي الْأَمْرِ، فَكَانَ هَذَا الْمَلْعُونُ مِنْ أَكْبَرِ مَا أَضَلَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ، حَتَّى اتَّبَعُوا مُسَيْلِمَةَ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ الرَّجَّالُ هَذَا قَدْ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَ " الْبَقَرَةَ " وَجَاءَ زَمَنَ الرِّدَّةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيُثَبِّتُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَارْتَدَّ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ.

قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ، مَعَنَا الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ، فَقَالَ: «إِنْ فِيكُمْ لَرَجُلًا ضِرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ» . فَهَلَكَ الْقَوْمُ وَبَقِيتُ أَنَا وَالرَّجَّالُ، وَكُنْتُ مُتَخَوِّفًا لَهَا، حَتَّى خَرَجَ الرَّجَّالُ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، فَكَانَتْ فِتْنَةُ الرَّجَّالِ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ مُسَيْلِمَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَاقْتَرَبَ خَالِدٌ وَقَدْ جَعَلَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ وَعَلَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ زَيْدًا وَأَبَا حُذَيْفَةَ، وَقَدْ مَرَّتِ الْمُقَدِّمَةُ فِي اللَّيْلِ بِنَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سِتِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>