كَمَا قَالَ فِي آخِرِ قِصَّتِهَا بَعْدَ قَتْلِهِمْ صِدِّيقَ الْمُرْسَلِينَ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الرُّسُلُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْقُرْآنِ، بُعِثُوا إِلَى أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ قَدِيمًا، فَكَذَّبُوهُمْ وَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ عُمِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْمَسِيحِ آمَنُوا بِرُسُلِهِ إِلَيْهِمْ، فَلَا يُمْنَعُ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ هِيَ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْمَسِيحِ، فَضَعِيفٌ; لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الرُّسُلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا يَعْنِي: لِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْمَدِينَةَ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ أَيْ; أَيَّدْنَاهُمَا بِثَالِثٍ فِي الرِّسَالَةِ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، كَمَا قَالَتِ الْأُمَمُ الْكَافِرَةُ لِرُسُلِهِمْ، يَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَشَرِيًّا، فَأَجَابُوهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّا رُسُلُهُ إِلَيْكُمْ، وَلَوْ كُنَّا كَذَّبَنَا عَلَيْهِ لَعَاقَبْنَا وَانْتَقَمَ مِنَّا أَشَدَّ الِانْتِقَامِ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ أَيْ; إِنَّمَا عَلَيْنَا، أَيْ نُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْنَا بِهِ إِلَيْكُمْ، وَاللَّهُ هُوَ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ أَيْ; تَشَاءَمْنَا بِمَا جِئْتُمُونَا بِهِ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ قِيلَ بِالْمَقَالِ. وَقِيلَ بِالْفِعَالِ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ تَوَعَّدُوهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْإِهَانَةِ. قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَيْ; مَرْدُودٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute