وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَبُو مَالِكٍ: مَكَثَ فِي جَوْفِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مِقْدَارُ مَا لَبِثَ فِيهِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ الْحُوتُ يَطُوفُ بِهِ فِي قَرَارِ الْبِحَارِ اللُّجِّيَّةِ، وَيَقْتَحِمُ بِهِ لُجَجَ الْمَوْجِ الْأُجَاجِيِّ، فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الْحِيتَانِ لِلرَّحْمَنِ، وَحَتَّى سَمِعَ تَسْبِيحَ الْحَصَى لِفَالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَرَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعِ، وَمَا بَيْنَهَا، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، فَعِنْدَ ذَلِكَ وَهُنَالِكَ قَالَ مَا قَالَ بِلِسَانِ الْحَالِ وَالْمَقَالِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ ذُو الْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ، الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَالْبَلْوَى، سَامِعُ الْأَصْوَاتِ وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَعَالِمُ الْخِفْيَاتِ وَإِنْ دَقَّتْ، وَمُجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَإِنْ عَظُمَتْ، حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، الْمُنَزَّلِ عَلَى رَسُولِهِ الْأَمِينِ، وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ، وَإِلَهُ الْمُرْسَلِينَ: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.
فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ; نُضَيِّقَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نُقَدِّرُ، مِنَ التَّقْدِيرِ. وَهِيَ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ: قَدَرَ، وَقَدَّرَ. كَمَا قَالَ الشَّاعِر
فَلَا عَائِدٌ ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى … تَبَارَكْتَ مَا تُقَدِّرْ يَكُنْ فَلَكَ الْأَمْرُ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَمْرُو بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute