وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ: يَوْمَ الْيَرْمُوكِ قَاتَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِنَ وَأَفِرُّ مِنْكُمُ الْيَوْمَ؟ ! ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَايِعُ عَلَى الْمَوْتِ؟ فَبَايَعَهُ عَمُّهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ وَفُرْسَانِهِمْ، فَقَاتَلُوا قُدَّامَ فُسْطَاطِ خَالِدٍ حَتَّى أُثْبِتُوا جَمِيعًا جِرَاحًا، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، مِنْهُمْ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ، رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّهُمْ لَمَّا صُرِعُوا مِنَ الْجِرَاحِ اسْتَسْقَوْا مَاءً، فَجِيءَ إِلَيْهِمْ بِشَرْبَةِ مَاءٍ، فَلَمَّا قُرِّبَتْ إِلَى أَحَدِهِمْ نَظَرَ إِلَيْهِ الْآخَرُ، فَقَالَ: ادْفَعْهَا إِلَيْهِ. فَلَمَّا دُفِعَتْ إِلَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهِ الْآخَرُ، فَقَالَ: ادْفَعْهَا إِلَيْهِ. فَتَدَافَعُوهَا بَيْنَهُمْ، مِنْ وَاحِدٍ إِلَى وَاحِدٍ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا، وَلَمْ يَشْرَبْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا رَجُلٌ جَاءَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ تَهَيَّأْتُ لِأَمْرِي، فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُقْرِأُهُ عَنِّي السَّلَامَ وَتَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا. قَالَ: فَتَقَدَّمَ هَذَا الرَّجُلُ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالُوا: وَثَبَتَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى رَايَتِهِمْ حَتَّى صَارَتِ الرُّومُ تَدُورُ كَأَنَّهَا الرَّحَى، فَلَمْ يُرَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَكْثَرَ قِحْفًا سَاقِطًا وَمِعْصَمًا نَادِرًا، وَكَفًّا طَائِرَةً، مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute