فَدَخَلُوا مَعَهُ جَمِيعًا عَلَى وَجْهَيْنِ ; مَكْرُوهٍ عَلَيْهِ فَاغْتَبَطَ، وَطَائِعٍ أَتَاهُ فَازْدَادَ، فَعَرَفْنَا جَمِيعًا فَضْلَ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالضِّيقِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبْدَأَ بِمَنْ يَلِينَا مِنَ الْأُمَمِ فَنَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِنْصَافِ، فَنَحْنُ نَدْعُوكُمْ إِلَى دِينِنَا، وَهُوَ دِينٌ حَسَّنَ الْحَسَنَ وَقَبَّحَ الْقَبِيحَ كُلَّهُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَأَمْرٌ مِنَ الشَّرِّ هُوَ أَهْوَنُ مِنْ آخَرَ شَرٍّ مِنْهُ ; الْجِزَاءُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْمُنَاجَزَةُ، وَإِنْ أَجَبْتُمْ إِلَى دِينِنَا خَلَّفْنَا فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَأَقَمْنَاكُمْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ تَحْكُمُوا بِأَحْكَامِهِ وَنَرْجِعَ عَنْكُمْ، وَشَأْنَكُمْ وَبِلَادَكُمْ، وَإِنِ اتَّقَيْتُمُونَا بِالْجِزَيِ قَبِلْنَا وَمَنَعْنَاكُمْ، وَإِلَّا قَاتَلْنَاكُمْ. قَالَ: فَتَكَلَّمَ يَزْدَجِرْدُ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمَّةً كَانَتْ أَشْقَى وَلَا أَقَلَّ عَدَدًا وَلَا أَسْوَأَ ذَاتِ بَيْنٍ مِنْكُمْ، قَدْ كُنَّا نُوَكِّلُ بِكُمْ قُرَى الضَّوَاحِي فَيَكْفُونَاكُمْ، لَا تَغْزُوكُمْ فَارِسُ وَلَا تَطْمَعُونَ أَنْ تَقُومُوا لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ عَدَدُكُمْ كَثُرَ فَلَا يُغْرُنَّكُمْ مِنَّا، وَإِنْ كَانَ الْجَهْدُ دَعَاكُمْ فَرَضْنَا لَكُمْ قُوتًا إِلَى خِصْبِكُمْ، وَأَكْرَمْنَا وُجُوهَكُمْ وَكَسَوْنَاكُمْ، وَمَلَّكْنَا عَلَيْكُمْ مَلِكًا يَرْفُقُ بِكُمْ. فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ زُرَارَةَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ هَؤُلَاءِ رُءُوسُ الْعَرَبِ وَوُجُوهُهُمْ، وَهُمْ أَشْرَافٌ يَسْتَحْيُونَ مِنَ الْأَشْرَافِ، وَإِنَّمَا يُكْرِمُ الْأَشْرَافَ الْأَشْرَافُ، وَيُعَظِّمُ حُقُوقَ الْأَشْرَافِ الْأَشْرَافُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا أُرْسِلُوا لَهُ جَمَعُوهُ لَكَ، وَلَا كُلُّ مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute