للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرْفُطَةَ، وَجَعَلَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ وَكَانَ قَيْسٌ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَدْ قَدِمَا عَلَى سَعْدٍ مَدَدًا مِنْ عِنْدِ أَبِي عُبَيْدَةَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَمَا شَهِدَا وَقْعَةَ الْيَرْمُوكِ.

وَزَعَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَا بَيْنَ السَّبْعَةِ آلَافٍ إِلَى الثَّمَانِيَةِ آلَافٍ، وَأَنَّ رُسْتُمَ كَانَ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، فَصَلَّى سَعْدٌ بِالنَّاسِ الظَّهْرَ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَوَعَظَهُمْ وَحَثَّهُمْ وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥] . وَقَرَأَ الْقُرَّاءُ آيَاتِ الْجِهَادِ وَسُوَرَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ سَعْدٌ أَرْبَعًا، ثُمَّ حَمَلُوا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى كَانَ اللَّيْلُ، فَتَحَاجَزُوا، وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بَشَرٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ أَصْبَحُوا إِلَى مَوَاقِفِهِمْ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ وَعَامَّةَ لَيْلَتِهِمْ، ثُمَّ أَصْبَحُوا كَمَا أَمْسَوْا عَلَى مَوَاقِفِهِمْ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى أَمْسَوْا، ثُمَّ اقْتَتَلُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَأَمْسَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةُ تُسَمَّى لَيْلَةَ الْهَرِيرِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَدْ قَاسَوْا مِنَ الْفِيَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُيُولِ الْعَرَبِيَّةِ بِسَبَبِ نُفْرَتِهَا مِنْهَا، أَمْرًا بَلِيغًا، وَقَدْ أَبَادَ الصَّحَابَةُ الْفِيَلَةَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَقَلَعُوا عُيُونَهَا، وَأَبْلَى جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّجْعَانِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِثْلُ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، وَالْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، وَضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ وَأَشْكَالِهِمْ وَأَضْرَابِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الزَّوَالِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ - وَيُسَمَّى يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>