مُقَدِّمَتِهِ رِبْعِيَّ بْنَ الْأَفْكَلِ الْعَنَزِيَّ، وَعَلَى الْمَيْمَنَةِ الْحَارِثَ بْنَ حَسَّانَ الذُّهْلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ، وَعَلَى السَّاقَةِ هَانِئَ بْنَ قَيْسٍ، وَعَلَى الْخَيْلِ عَرْفَجَةَ بْنَ هَرْثَمَةَ. فَفَصَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَدَائِنِ فَسَارَ فِي أَرْبَعٍ حَتَّى نَزَلَ بِتَكْرِيتَ عَلَى الْأَنْطَاقِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّومِ، وَمِنَ الشَّهَارِجَةِ، وَمِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، مِنْ إِيَادٍ وَتَغْلِبَ وَالنَّمِرِ، وَقَدْ خَنْدَقُوا بِتَكْرِيتَ، فَحَاصَرَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَزَاحَفُوهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، مَا مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَيَنْتَصِرُ عَلَيْهِمْ، وَيَفُلُّ جُمُوعَهُمْ، فَضَعُفَ جَأْشُهُمْ، وَعَزَمَتِ الرُّومُ عَلَى الذَّهَابِ فِي السُّفُنِ بِأَمْوَالِهِمْ، وَرَاسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ مَنْ هُنَالِكَ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُ فِي النُّصْرَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ، فَجَاءَتِ الْقُصَّادُ إِلَيْهِ عَنْهُمْ بِالْإِجَابَةِ إِلَى ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيمَا قُلْتُمْ، فَاشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقِرُّوا بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَرَجَعَتِ الْقُصَّادُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِذَا كَبَّرْنَا وَحَمَلْنَا عَلَى الْبَلَدِ اللَّيْلَةَ، فَأَمْسِكُوا عَلَيْنَا أَبْوَابَ السُّفُنِ، وَامْنَعُوهُمْ أَنْ يَرْكَبُوا فِيهَا، وَاقْتُلُوا مِنْهُمْ مَنْ قَدَرْتُمْ عَلَى قَتْلِهِ. ثُمَّ شَدَّ عَبْدُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَحَمَلُوا عَلَى الْبَلَدِ، فَكَبَّرَتِ الْأَعْرَابُ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، فَحَارَ أَهْلُ الْبَلَدِ، وَأَخَذُوا فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي تَلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute