إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ لِيَسْتَخْرِجَهُ مِنْهُ. أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُرِيدُ أَنْ أَشَافِهَكَ بِهَا، فَعَزَمْتُ عَلَيْكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا أَنْ لَا تَضَعَهُ مِنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ إِلَيَّ. قَالَ: فَعَرَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْرِجَهُ مِنَ الْوَبَاءِ. فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ! ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ إِلَيَّ، وَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا أَجِدُ بِنَفْسَيْ رَغْبَةً عَنْهُمْ، فَلَسْتُ أُرِيدُ فِرَاقَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيَّ وَفِيهِمْ أَمْرَهُ وَقَضَاءَهُ، فَخَلِّنِي مِنْ عَزِيمَتِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَدَعْنِي فِي جُنْدِي. فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الْكِتَابَ بَكَى، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟ قَالَ: لَا، وَكَأَنْ قَدْ. قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ أَنْزَلْتَ النَّاسَ أَرْضًا غَمِقَةً، فَارْفَعْهُمْ إِلَى أَرْضٍ مُرْتَفِعَةٍ نَزِهَةٍ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُهُ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، إِنَّ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جَاءَنِي بِمَا تَرَى، فَاخْرُجْ فَارْتَدْ لِلنَّاسِ مَنْزِلًا حَتَّى أَتْبَعَكَ بِهِمْ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي لِأَرْتَحِلَ، فَوَجَدْتُ صَاحِبَتِي قَدْ أُصِيبَتْ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ فِي أَهْلِي حَدَثٌ. فَقَالَ لَعَلَّ صَاحِبَتَكَ قَدْ أُصِيبَتْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِبَعِيرِهِ فَرُحِّلَ لَهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي غَرْزِهِ طُعِنَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أُصِبْتُ. ثُمَّ سَارَ بِالنَّاسِ حَتَّى نَزَلَ الْجَابِيَةَ، وَرُفِعَ عَنِ النَّاسِ الْوَبَاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute