للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِلْكَ الْجُنُودُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى فَارِسَ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ إِصْطَخْرَ، فَحَالَتْ فَارِسُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سُفُنِهِمْ، فَقَامَ فِي النَّاسِ خُلَيْدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا مُحَارَبَتَكُمْ، وَأَنْتُمْ إِنَّمَا جِئْتُمْ لِمُحَارَبَتِهِمْ، فَاسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَقَاتِلُوهُمْ، فَإِنَّمَا الْأَرْضُ وَالسُّفُنُ لِمَنْ غَلَبَ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥] . فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ نَاهَدُوهُمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فِي مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ يُدْعَى طَاوُسَ، ثُمَّ أَمَرَ خُلَيْدٌ الْمُسْلِمِينَ فَتَرَجَّلُوا، وَقَاتَلُوا فَصَبَرُوا، ثُمَّ ظَفِرُوا، فَقَتَلُوا فَارِسَ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلُوا قَبْلَهَا مِثْلَهَا، ثُمَّ خَرَجُوا يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ فَغَرِقَتْ بِهِمْ سُفُنُهُمْ، وَلَمْ يَجِدُوا إِلَى الرُّجُوعِ فِي الْبَحْرِ سَبِيلًا، وَوَجَدُوا شَهْرَكَ فِي أَهْلِ إِصْطَخْرَ قَدْ أَخَذُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالطُّرُقِ، فَعَسْكَرُوا وَامْتَنَعُوا مِنَ الْعَدُوِّ. وَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ صُنْعُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَعَزَلَهُ وَتَوَعَّدَهُ، وَأَمَرَهُ بِأَثْقَلِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ، وَأَبْغَضِ الْوُجُوهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: الْحَقْ بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَنْ قِبَلَكَ، فَخَرَجَ الْعَلَاءُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: إِنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ خَرَجَ بِجَيْشٍ فَأَقْطَعَهُمْ أَهْلُ فَارِسَ، وَعَصَانِي، وَأَظُنُّهُ لَمْ يُرِدِ اللَّهَ بِذَلِكَ، فَخَشِيتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُنْصَرُوا، أَنْ يُغْلَبُوا وَيُنْشَبُوا، فَانْدُبْ إِلَيْهِمُ النَّاسَ، وَاضْمُمْهُمْ إِلَيْكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجْتَاحُوا. فَنَدَبَ عُتْبَةُ الْمُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>