للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ وَيُذَكِّرَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ: مِنْ عُمَرَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] . فَتُبْ وَارْفَعْ رَأْسَكَ وَابْرُزْ وَلَا تَقْنَطْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] . وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى النَّاسِ أَنْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَمَنْ غَيَّرَ فَغَيِّرُوا عَلَيْهِ، وَلَا تُعَيِّرُوا أَحَدًا فَيَفْشُوَ فِيكُمُ الْبَلَاءُ. وَقَدْ قَالَ أَبُو الزَّهْرَاءِ الْقُشَيْرِيُّ فِي ذَلِكَ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ يَعْثُرُ بِالْفَتَى ... وَلَيْسَ عَلَى صَرْفِ الْمَنُونِ بِقَادِرِ

صَبَرْتُ وَلَمْ أَجْزَعْ وَقَدْ مَاتَ إِخْوَتِي ... وَلَسْتُ عَنِ الصَّهْبَاءِ يَوْمًا بِصَابِرِ

رَمَاهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَتْفِهَا ... فَخُلَّانُهَا يَبْكُونَ حَوْلَ الْمَعَاصِرِ

قَالَ سَيْفُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَأَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا جُوعٌ فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى جَعَلَتِ الْوَحْشُ تَأْوِي إِلَى الْإِنْسِ. فَكَانَ النَّاسُ كَذَلِكَ وَعُمَرُ كَالْمَحْصُورِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>