وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، سَمِعَهُ مِنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي. قَالَ: الْأَعَارِيبُ! وَاللَّهِ مَا آلُو بِهِمْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. فَسَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: كَذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ.
وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَأَثْنَوْا خَيْرًا إِلَّا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: أَبُو سَعْدَةَ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ. قَامَ فَقَالَ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا، فَإِنَّ سَعْدًا لَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ، وَلَا يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ، فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَدِمْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. فَأَصَابَتْهُ دَعْوَةُ سَعْدٍ، فَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ، وَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ، فَيُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَيَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْهُ دَعْوَةُ سَعْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute