للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ عُمَرُ أَنْ قَدْ سَبَكَهُ وَبَصَّرَ النَّاسَ، حَجَّ وَقَدْ عَزَمَ عَلَى تَوْلِيَتِهِ، وَاشْتَكَى خَالِدٌ بَعْدُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَدِينَةِ زَائِرًا لِأُمِّهِ، فَقَالَ لَهَا: أَحْدِرُونِي إِلَى مُهَاجِرِي. فَقَدِمَتْ بِهِ الْمَدِينَةَ وَمَرَّضَتْهُ، فَلَمَّا ثَقُلَ وَأَظَلَّ قُدُومُ عُمَرَ، لَقِيَهُ لَاقٍ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ صَادِرًا عَنْ حَجِّهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَهْيَمْ؟ فَقَالَ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَقِيلٌ لِمَا بِهِ. فَطَوَى ثَلَاثًا فِي لَيْلَةٍ، فَأَدْرَكَهُ حِينَ قَضَى، فَرَقَّ عَلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَ، وَجَلَسَ بِبَابِهِ حَتَّى جُهِّزَ، وَبَكَتْهُ الْبَوَاكِي، فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَلَا تَسْمَعُ، أَلَا تَنْهَاهُنَّ؟ فَقَالَ: وَمَا عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَنْ يَبْكِينَ أَبَا سُلَيْمَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ وَلَا لَقْلَقَةٌ. فَلَمَّا خَرَجَ لِجِنَازَتِهِ رَأَى عُمَرَ امْرَأَةً مُحْتَزِمَةً تَبْكِيهِ وَتَقُولُ:

أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ النَّا ... سِ إِذَا مَا كَبَتْ وُجُوهُ الرِّجَالِ

أَشُجَاعٌ فَأَنْتَ أَشْجَعُ مِنْ لَيْ ... ثِ عَرِينٍ جَهْمٍ أَبِي أَشْبَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>