للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: لِأَنَّ عُمَرَ لَا يَفْرِضُ إِلَّا لِلْمَفْطُومِ. قَالَ: وَكَمْ عُمُرُ ابْنِكِ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا شَهْرًا. فَقَالَ: وَيْحَكِ! لَا تُعْجِلِيهِ عَنِ الْفِطَامِ. فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ وَهُوَ لَا يَسْتَبِينُ لِلنَّاسِ قِرَاءَتُهُ مِنَ الْبُكَاءِ. قَالَ: بُؤْسًا لِعُمَرَ، كَمْ قَتَلَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيهِ، فَنَادَى: لَا تُعْجِلُوا صِبْيَانَكُمْ عَنِ الْفِطَامِ، فَإِنَّا نَفْرِضُ لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ. وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ.

وَقَالَ أَسْلَمُ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مَعَ عُمَرَ إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ، فَلَاحَ لَنَا بَيْتُ شَعْرٍ فَقَصَدْنَاهُ، فَإِذَا فِيهِ امْرَأَةٌ تَمْخَضُ وَتَبْكِي، فَسَأَلَهَا عُمَرُ عَنْ حَالِهَا فَقَالَتْ: أَنَا امْرَأَةٌ عَرَبِيَّةٌ وَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ. فَبَكَى عُمَرُ وَعَادَ يُهَرْوِلُ إِلَى بَيْتِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ لَكِ فِي أَجْرٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكِ؟ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَحَمَلَ عَلَى ظَهْرِهِ دَقِيقًا وَشَحْمًا، وَحَمَلَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مَا يَصْلُحُ لِلْوِلَادَةِ وَجَاءَا، فَدَخَلَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَجَلَسَ عُمَرُ مَعَ زَوْجِهَا - وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ - يَتَحَدَّثُ، فَوَضَعَتِ الْمَرْأَةُ غُلَامًا، فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَشِّرْ صَاحِبَكَ بِغُلَامٍ. فَلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ قَوْلَهَا اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَأَخَذَ يَعْتَذِرُ إِلَى عُمَرَ. فَقَالَ عُمَرُ: لَا بَأْسَ عَلَيْكِ. ثُمَّ أَوْصَلَهُمْ بِنَفَقَةٍ وَمَا يُصْلِحُهُمْ وَانْصَرَفَ.

وَقَالَ أَسْلَمُ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مَعَ عُمَرَ إِلَى حَرَّةِ وَاقِمٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِصِرَارٍ إِذَا بِنَارٍ فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ هَاهُنَا رَكْبٌ قَدْ قَصَّرَ بِهِمُ اللَّيْلُ، انْطَلِقْ بِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>