قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ جَاشَتِ الرُّومُ حَتَّى خَافَ أَهْلُ الشَّامِ وَبَعَثُوا إِلَى عُثْمَانَ، ﵁، يَسْتَمِدُّونَهُ، فَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ؛ أَنْ إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا، فَابْعَثْ رَجُلًا أَمِينًا كَرِيمًا شُجَاعًا قِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ أَوْ تِسْعَةِ آلَافٍ أَوْ عَشَرَةِ آلَافٍ إِلَى إِخْوَانِكُمْ بِالشَّامِ. فَقَامَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا حِينَ وَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُ عُثْمَانَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَدَبَ النَّاسَ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَمُعَاوَنَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَأَمَّرَ سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إِلَى الشَّامِ، فَانْتَدَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، فَبَعَثَهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَعَلَى جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ حَبِيبُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفِهْرِيُّ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْجَيْشَانِ شَنُّوا الْغَارَاتِ عَلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَغَنِمُوا وَسَبَوْا سَبْيًا كَثِيرًا، وَفَتَحُوا حُصُونًا كَثِيرَةً. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الَّذِي أَمَدَّ أَهْلَ الشَّامِ بِسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ إِنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ؛ عَنْ كِتَابِ عُثْمَانَ، ﵁، فَبَعَثَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ بِسِتَّةِ آلَافِ فَارِسٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ الْمَوْرِيَانُ الرُّومِيُّ فِي ثَمَانِينَ أَلْفًا مِنَ الرُّومِ وَالتُّرْكِ، وَكَانَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ شُجَاعًا شَهْمًا، فَعَزَمَ عَلَى أَنْ يُبَيِّتَ جَيْشَ الرُّومِ، فَسَمِعَتْهُ امْرَأَتُهُ يَقُولُ لِلْأُمَرَاءِ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لَهُ: فَأَيْنَ مَوْعِدِي مَعَكَ. تَعْنِي أَيْنَ أَجْتَمِعُ بِكَ غَدًا؟ فَقَالَ لَهَا: مَوْعِدُكِ سُرَادِقُ مَوْرِيَانَ أَوِ الْجَنَّةُ. ثُمَّ نَهَضَ إِلَيْهِمْ فِي اللَّيْلِ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute