للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَأَنْكَرْتُ نَفْسِي وَجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلًا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» . وَإِنِّي لِأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ. فَانْصَرَفُوا، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ يَسْأَلُونِي الْبَيْعَةَ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمُشْفِقٌ مِمَّا أُقْدِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزْمَةٌ فَبَايَعْتُ، فَلَمَّا قَالُوا: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي وَانْسَكَبْتُ بِعَبْرَةٍ.

وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ بِجَمْعِ الطُّرُقِ الْوَارِدَةِ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَكَانَ يُقْسِمُ عَلَى ذَلِكَ فِي خُطَبِهِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَلَا مَالَأَ، وَلَا رَضِيَ بِهِ، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ. ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>