للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ مَسْعُودٍ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْفَرْعِ، فَكَيْفَ بِمُتَابَعَتِهِ إِيَّاهُ فِي أَصْلِ الْقُرْآنِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي التِّلَاوَةِ الَّتِي عَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَقْرَأُوا بِهَا لَا بِغَيْرِهَا؟ وَقَدْ حَكَى الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ خَشْيَةً عَلَى الْأَعْرَابِ أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ. وَقِيلَ: بَلْ قَدْ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ. فَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بِهِمْ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ» وَإِنِّي أَتْمَمْتُ لِأَنِّي تَزَوَّجْتُ بِهَا مُنْذُ قَدِمْتُهَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ بِمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ وَلَمْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ عُثْمَانَ تَأَوَّلَ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كَانَ. وَهَكَذَا تَأَوَّلَتْ عَائِشَةُ فَأَتَمَّتْ. وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ، وَمَعَ هَذَا مَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَسْفَارِ.

وَمِمَّا كَانَ يَعْتَمِدُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يُلْزِمُ عُمَّالَهُ بِحُضُورِ الْمَوْسِمِ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْتُبُ إِلَى الرَّعَايَا: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَظْلِمَةٌ فَلْيُوَافِ إِلَى الْمَوْسِمِ، فَإِنِّي آخُذُ لَهُ حَقَّهُ مِنْ عَامِلِهِ. وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ سَمَحَ لِكَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فِي الْمَسِيرِ حَيْثُ شَاءُوا مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ عُمَرُ يَحْجُرُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى وَلَا فِي الْغَزْوِ وَيَقُولُ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَرَوُا الدُّنْيَا أَوْ أَنْ يَرَاكُمْ أَبْنَاؤُهَا. فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>