للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى وَإِنَّمَا قَالُوا الْكَلَامَ الْأَوَّلَ لِيَتَدَبَّرُوا وَيَتَوَاصَوْا، وَيَأْتُوا بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَكِيدَةِ وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالسِّحْرِ وَالْبُهْتَانِ. وَهَيْهَاتَ، كَذَبَتْ وَاللَّهِ الظُّنُونُ وَأَخْطَأَتِ الْآرَاءُ، أَنَّى يُعَارِضُ الْبُهْتَانُ وَالسِّحْرُ وَالْهَذَيَانُ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ، الَّتِي أَجْرَاهَا الدَّيَّانُ عَلَى يَدَيْ عَبْدِهِ الْكَلِيمِ وَرَسُولِهِ الْكَرِيمِ، الْمُؤَيَّدِ بِالْبُرْهَانِ الَّذِي يَبْهَرُ الْأَبْصَارَ، وَتَحَارُ فِيهِ الْعُقُولُ وَالْأَذْهَانُ. وَقَوْلُهُمْ: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ أَيْ; جَمِيعَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا أَيْ; جُمْلَةً وَاحِدَةً. ثُمَّ حَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى التَّقَدُّمِ فِي هَذَا الْمَقَامِ; لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ، وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا.

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: ٦٥ - ٦٩]. لَمَّا اصْطَفَّ السَّحَرَةُ وَوَقَفَ مُوسَى وَهَارُونُ، ، تُجَاهَهُمْ، قَالُوا لَهُ: إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ قَبْلَنَا، وَإِمَّا أَنْ نُلْقِيَ قَبْلَكَ. قَالَ: بَلْ أَلْقُوا أَنْتُمْ. وَكَانُوا قَدْ عَمَدُوا إِلَى حِبَالٍ وَعِصِيٍّ فَأَوْدَعُوهَا الزِّئْبَقَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تَضْطَرِبُ بِسَبَبِهَا تِلْكَ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ اضْطِرَابًا يُخَيَّلُ لِلرَّائِي أَنَّهَا تَسْعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>