آخَرُونَ: نَذْهَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَطْلُبُ مِنْ عَلِيٍّ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَيُقْتَلُوا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَذْهَبُ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَتَقَوَّى بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ، وَنَبْدَأُ بِمَنْ هُنَاكَ مِنْ قَتَلَتِهِ. فَاتَّفَقَ الرَّأْيُ عَلَى ذَلِكَ، وَوَافَقَ بَقِيَّةُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ رَجَعْنَ عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْنَ: لَا نَسِيرُ إِلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ. وَجَهَّزَ النَّاسَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، فَأَنْفَقَ فِيهِمْ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّمِائَةِ بَعِيرٍ، وَجَهَّزَهُمُ ابْنُ عَامِرٍ أَيْضًا بِمَالٍ كَثِيرٍ: وَكَانَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَافَقَتْ عَائِشَةَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَمَنَعَهَا أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَبَى هُوَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُمْ إِلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ، وَسَارَ النَّاسُ صُحْبَةَ عَائِشَةَ فِي أَلْفٍ. وَقِيلَ: تِسْعِمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ. وَتَلَاحَقَ بِهِمْ آخَرُونَ، فَصَارُوا فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ تُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ عَلَى جَمَلٍ اسْمُهُ عَسْكَرٌ، اشْتَرَاهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ عُرَيْنَةَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ. وَقِيلَ: بِثَمَانِينَ دِينَارًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَسَارَ مَعَهَا أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ فَفَارَقْنَهَا هُنَالِكَ وَبَكَيْنَ لِلْوَدَاعِ، وَتَبَاكَى النَّاسُ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يُسَمَّى يَوْمَ النَّحِيبِ.
وَسَارَ النَّاسُ قَاصِدِينَ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ عَنْ أَمْرِ عَائِشَةَ ابْنُ أُخْتِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يُؤَذِّنُ لِلنَّاسِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ مَرُّوا فِي مَسِيرِهِمْ لَيْلًا بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ الْحَوْأَبُ. فَنَبَحَتْهُمْ كِلَابٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute