ذَلِكَ. فَقَطَعَ عَلَيْهِمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ لِأَبِي مُوسَى: لِمَ تُثَبِّطُ النَّاسَ عَنَّا؟ فَوَاللَّهِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَلَا مِثْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يُخَافُ عَلَى شَيْءٍ. فَقَالَ: صَدَقْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَلَكِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ الرَّاكِبِ،» وَقَدْ جَعَلَنَا اللَّهُ إِخْوَانًا، وَحَرَّمَ عَلَيْنَا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا. فَغَضِبَ عَمَّارٌ وَسَبَّهُ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحْدَهُ: " أَنْتَ فِيهَا قَاعِدًا خَيْرٌ مِنْكَ قَائِمًا ". فَغَضِبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لِأَبِي مُوسَى وَنَالَ مِنْ عَمَّارٍ، وَثَارَ آخَرُونَ، وَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يُكَفْكِفُ النَّاسَ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَيُّهَا النَّاسُ، أَطِيعُونِي وَكُونُوا خَيْرَ قَوْمٍ مِنْ خَيْرِ أُمَمِ الْعَرَبِ، يَأْوِي إِلَيْهِمُ الْمَظْلُومُ، وَيَأْمَنُ فِيهِمُ الْخَائِفُ، وَإِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ بَيَّنَتْ. ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بِكَفِّ أَيْدِيهِمْ وَلُزُومِ بُيُوتِهِمْ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ سِيرُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ، سِيرُوا إِلَيْهِ أَجْمَعِينَ. فَقَامَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: إِنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ الْأَمِيرُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ يَرْدَعُ الظَّالِمَ، وَيُعْدِي الْمَظْلُومَ، وَيَنْتَظِمُ بِهِ شَمْلُ النَّاسِ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ مَلِيءٌ بِمَا وَلِيَ، وَقَدْ أُنْصِفَ فِي الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْإِصْلَاحَ فَانْفِرُوا إِلَيْهِ. وَقَامَ عَبْدُ خَيْرٍ فَقَالَ: النَّاسُ أَرْبَعُ فِرَقٍ ; عَلِيٌّ بِمَنْ مَعَهُ فِي ظَاهِرِ الْكُوفَةِ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ بِالْبَصْرَةِ، وَمُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ، وَفِرْقَةٌ بِالْحِجَازِ لَا تُقَاتِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute