الْمُصْحَفَ رَشَقُوهُ بِنِبَالِهِمْ رَشْقَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَتَلُوهُ، وَوَصَلَتِ النِّبَالُ إِلَى هَوْدَجِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَجَعَلَتْ تُنَادَى: اللَّهَ اللَّهَ! يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا يَوْمَ الْحِسَابِ. وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا تَدْعُو عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَضَجَّ النَّاسُ مَعَهَا بِالدُّعَاءِ حَتَّى وَصَلَتِ الضَّجَّةُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَدْعُو عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَأَشْيَاعِهِمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ. وَجَعَلَ أُولَئِكَ النَّفَرُ لَا يُقْلِعُونَ عَنْ رَشْقِ هَوْدَجِهَا بِالنِّبَالِ حَتَّى بَقِيَ مِثْلَ الْقُنْفُذِ، وَجَعَلَتْ تُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى مَنْعِهِمْ وَكَفِّهِمْ، فَحَمَلَتْ مُضَرُ حَمْلَةَ الْحَفِيظَةِ، فَطَرَدُوهُمْ حَتَّى وَصَلَتِ الْحَمْلَةُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: وَيْحَكَ تَقَدَّمْ بِالرَّايَةِ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ مِنْ يَدِهِ فَتَقَدَّمَ بِهَا وَجَعَلَتِ الْحَرْبُ تَأْخُذُ وَتُعْطِي ; فَتَارَةً لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَتَارَةً لِأَهْلِ الْكُوفَةِ، حَتَّى قُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَلَمْ تُرَ وَقْعَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْوَقْعَةِ، وَجَعَلَتْ عَائِشَةُ تُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، وَنَظَرَتْ عَنْ يَمِينِهَا فَقَالَتْ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ. فَقَالَتْ: لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ:
وَجَاءُوا إِلَيْنَا بِالْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ ... مِنَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلِ
ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهَا بَنُو نَاجِيَةَ ثُمَّ بَنُو ضَبَّةَ، فَقُتِلَ عِنْدَهَا مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute