للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ يُمْسِكُ بِالزِّمَامِ بُرْجَاسًا لِلرِّمَاحِ، وَلِيَنْفَصِلَ هَذَا الْمَوْقِفُ الَّذِي قَدْ تَفَانَى فِيهِ النَّاسُ. وَلَمَّا سَقَطَ الْجَمَلُ إِلَى الْأَرْضِ انْهَزَمَ مَنْ حَوْلَهُ، وَحُمِلَ هَوْدَجُ عَائِشَةَ وَإِنَّهُ لَكَالْقُنْفُذِ مِنْ كَثْرَةِ النُّشَّابِ، وَنَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ فِي النَّاسِ: إِنَّهُ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ، وَلَا يَذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يَدْخُلُوا الدُّورَ. وَأَمَرَ عَلِيٌّ نَفَرًا أَنْ يَحْمِلُوا الْهَوْدَجَ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، وَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَمَّارًا أَنْ يَضْرِبَا عَلَيْهَا قُبَّةً، وَجَاءَ إِلَيْهَا أَخُوهَا مُحَمَّدٌ فَسَأَلَهَا: هَلْ وَصَلَ إِلَيْكِ شَيْءٌ مِنَ الْجِرَاحِ؟ فَقَالَتْ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا ابْنَ الْخَثْعَمِيَّةِ. وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمَّارٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ. قَالَ: بَلَى وَإِنْ كَرِهْتِ. وَجَاءَ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسَلِّمًا فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّهْ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ. فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ. وَجَاءَ وُجُوهُ النَّاسِ إِلَيْهَا، مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَعْيَانِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهَا.

وَيُقَالُ: إِنَّ أَعْيَنَ بْنَ ضُبَيْعَةَ الْمُجَاشِعِيَّ اطَّلَعَ فِي الْهَوْدَجِ. فَقَالَتْ: إِلَيْكَ لَعَنَكَ اللَّهُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى إِلَّا حُمَيْرَاءَ. فَقَالَتْ: هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَكَ، وَقَطَعَ يَدَكَ، وَأَبْدَى عَوْرَتَكَ. فَقُتِلَ بِالْبَصْرَةِ وَسُلِبَ وَقُطِعَتْ يَدُهُ وَرُمِيَ عُرْيَانًا فِي خَرِبَةٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>