وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَذَّبَ وَافْتَرَى، وَكَفَرَ غَايَةَ الْكُفْرِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ وَأَتَى بِبُهْتَانٍ يَعْلَمُهُ الْعَالِمُونَ، بَلِ الْعَالَمُونَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ: لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ يَعْنِي: يَقْطَعُ الْيَدَ الْيُمْنَى وَالرِّجْلَ الْيُسْرَى وَعَكْسَهُ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ; لَيَجْعَلُهُمْ مَثُلَةً وَنَكَالًا; لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِمْ أَحَدٌ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أَيْ; عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ; لِأَنَّهَا أَعْلَى وَأَشْهَرُ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ أَيْ; لَنْ نُطِيعَكَ وَنَتْرُكَ مَا وَقَرَ فِي قُلُوبِنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ، وَالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَاتِ، وَالَّذِي فَطَرَنَا قِيلَ: مَعْطُوفٌ. وَقِيلَ: قَسَمٌ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ أَيْ; فَافْعَلْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا أَيْ; إِنَّمَا حُكْمُكَ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَإِذَا انْتَقَلْنَا مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، صِرْنَا إِلَى حُكْمِ الَّذِي أَسْلَمْنَا لَهُ وَاتَّبَعْنَا رُسُلَهُ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: ٧٣]. أَيْ; وَثَوَابُهُ خَيْرٌ مِمَّا وَعَدَتْنَا بِهِ مِنَ التَّقْرِيبِ وَالتَّرْغِيبِ، وَأَبْقَى أَيْ; وَأَدْوَمُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ. وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute