للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّارِ» . وَدَخَلَ ابْنُ جُرْمُوزٍ وَمَعَهُ سَيْفُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ هَذَا السَّيْفَ طَالَمَا فَرَّجَ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيُقَالُ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ جُرْمُوزٍ لَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ قَتَلَ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: بَلْ عَاشَ إِلَى أَنْ تَأَمَّرَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْعِرَاقِ، فَاخْتَفَى مِنْهُ، فَقِيلَ لِمُصَعَبٍ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ جُرْمُوزٍ هَاهُنَا وَهُوَ مُخْتَفٍ، فَهَلْ لَكَ فِيهِ؟ فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَظْهَرْ فَهُوَ آمِنٌ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُقِيدَ لِلزُّبَيْرِ مِنْهُ فَهُوَ أَحْقَرُ مِنْ أَنْ أَجْعَلَهُ عِدْلًا لِلزُّبَيْرِ.

وَقَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ ذَا مَالٍ جَزِيلٍ وَصَدَقَاتٍ دَارَّةٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا قُتِلَ وَجَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ فَوَفَّوْهَا عَنْهُ، وَأَخْرَجُوا بَعْدَ ذَلِكَ ثُلُثَ مَالِهِ الَّذِي كَانَ أَوْصَى بِهِ، ثُمَّ قُسِمَتِ التَّرِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَصَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ - وَكُنَّ أَرْبَعًا - مِنْ رُبُعِ الثُّمُنِ، أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفِ دِرْهَمٍ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَجْمُوعُ مَا قُسِمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، وَالثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفٍ، وَالدَّيْنُ الْمُخْرَجُ قَبْلَ ذَلِكَ أَلْفَا أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا تَرَكَهُ مِنَ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا ; لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مَا فِيهِ نَظَرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُنَبَّهَ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ جَمَعَ مَالَهُ هَذَا بَعْدَ الصَّدَقَاتِ الْكَثِيرَةِ، وَالْمَآثِرِ الْوَثِيرَةِ، مِنَ الْحَلَالِ، مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>