للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا كَانَ صَبَاحُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَقْبَلَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي جُيُوشِهِ وَجَاءَ مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي جُنُودِهِ فَتَوَاجَهَ الْفَرِيقَانِ، وَتَقَابَلَ الْجَمْعَانِ - وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ - فَتَوَاقَفُوا طَوِيلًا، وَذَلِكَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: صِفِّينَ. وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ عَدَلَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَارْتَادَ لِجَيْشِهِ مَنْزِلًا، وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ سَبَقَ بِجَيْشِهِ فَنَزَلُوا عَلَى مَشْرَعَةِ الْمَاءَ فِي أَسْهَلِ مَوْضِعٍ وَأَفْيَحِهِ، فَلَمَّا جَاءَ عَلِيٌّ نَزَلَ بَعِيدًا مِنَ الْمَاءِ، وَجَاءَ سَرَعَانُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِيَرِدُوا مِنَ الْمَاءِ، فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ مُقَاتَلَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ.

وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ وَكَّلَ عَلَى الشَّرِيعَةِ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَشْرَعَةٌ سِوَاهَا، فَعَطِشَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ عَطَشًا شَدِيدًا، فَبَعَثَ عَلِيٌّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي جَمَاعَةٍ لِيَصِلُوا إِلَى الْمَاءِ، فَمَنَعَهُمْ أُولَئِكَ وَقَالُوا: مُوتُوا عَطَشًا كَمَا مَنَعْتُمْ عُثْمَانَ الْمَاءَ. فَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ سَاعَةً، ثُمَّ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ أُخْرَى، ثُمَّ تَقَاتَلُوا بِالسُّيُوفِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَمَدَّ كُلَّ طَائِفَةٍ أَصْحَابُهَا، حَتَّى جَاءَ الْأَشْتَرُ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِيِّينَ، فَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ، وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ - وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ الْأَزْدِيُّ - وَهُوَ يُقَاتِلُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>