للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ بِأَسْيَافِهِمَا فَقَتَلَاهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ ابْنِهِ، وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صَنَعَا؟ فَقَالَ: كَفَيَانِي أَمْرَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَسْرَعَ إِلَى عَلِيٍّ أَهْلُ الشَّامِ فَجَعَلَ عَلِيٌّ لَا يَزِيدُهُ قُرْبُهُمْ مِنْهُ سُرْعَةً فِي مِشْيَتِهِ، بَلْ هُوَ سَائِرٌ عَلَى هِينَتِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ: يَا أَبَهْ، لَوْ سَعَيْتَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ لِأَبِيكَ يَوْمًا لَنْ يَعْدُوَهُ، وَلَا يُبْطِئُ بِهِ عَنْهُ السَّعْيُ، وَلَا يُعَجِّلُ بِهِ إِلَيْهِ الْمَشْيُ، إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ مَا يُبَالِي أَوَقَعَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ. ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا أَمَرَ الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ أَنْ يَلْحَقَ الْمُنْهَزِمِينَ فَيَرُدَّهُمْ، فَسَاقَ بِأَسْرَعِ سَوْقٍ حَتَّى اسْتَقْبَلَ الْمُنْهَزِمِينَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، فَجَعَلَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيُوَبِّخُهُمْ وَيُحَرِّضُ الْقَبَائِلَ وَالشُّجْعَانَ مِنْهُمْ عَلَى الْكَرَّةِ، فَتَابَعَهُ طَائِفَةٌ وَاسْتَمَرَّ آخَرُونَ فِي هَزِيمَتِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبُهُ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ جَمْعٌ عَظِيمٌ، فَرَجَعَ بِهِمْ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ فَجَعَلَ لَا يَلْقَى قَبِيلَةً مِنَ الشَّامِيِّينَ إِلَّا كَشَفَهَا، وَلَا طَائِفَةَ إِلَّا رَدَّهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَمِيرِ الْمَيْمَنَةِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ، وَمَعَهُ نَحْوٌ مَنْ ثَلَاثِمِائَةٍ قَدْ ثَبَتُوا فِي مَكَانِهِمْ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: حَيٌّ صَالِحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>