للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَعْيَنَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عَمَّارًا قَالَ يَوْمَئِذٍ: أَيْنَ مَنْ يَبْتَغِي رِضْوَانَ اللَّهِ وَلَا يَلْوِي إِلَى مَالٍ وَلَا وَلَدٍ؟ قَالَ: فَأَتَتْهُ عِصَابَةٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اقْصِدُوا بِنَا نَحْوَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ دَمَ عُثْمَانَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَاللَّهِ مَا قَصْدُهُمُ الْأَخْذَ بِدَمِهِ وَلَا الْقِيَامَ بِثَأْرِهِ، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ ذَاقُوا الدُّنْيَا فَاسْتَحْلَوْهَا وَاسْتَمْرَءُوهَا، وَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ إِذَا لَزِمَهُمْ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَتَمَرَّغُونَ فِيهِ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَشَهَوَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا طَاعَةَ النَّاسِ لَهُمْ وَالْوِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا تَمَكَّنَتْ مِنْ قُلُوبِهِمْ خَشْيَةُ اللَّهِ الَّتِي تَمْنَعُ مَنْ تَمَكَّنَتْ مِنْ قَلْبِهِ عَنْ نَيْلِ الشَّهَوَاتِ، وَتَعْقِلُهُ عَنْ إِرَادَةِ الدُّنْيَا وَطَلَبِ الْعُلُوِّ فِيهَا، وَتَحْمِلُهُ عَلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالْمَيْلِ إِلَى أَهْلِهِ، فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: إِمَامُنَا قُتِلَ مَظْلُومًا. لِيَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً مُلُوكًا، وَتِلْكَ مَكِيدَةٌ بَلَغُوا بِهَا مَا تَرَوْنَ، وَلَوْلَا هِيَ مَا تَبِعَهُمْ مِنَ النَّاسِ رَجُلَانِ، وَلَكَانُوا أَذَلَّ وَأَخَسَّ وَأَقَلَّ، وَلَكِنَّ قَوْلَ الْبَاطِلِ لَهُ حَلَاوَةٌ فِي أَسْمَاعِ الْغَافِلِينَ، فَسِيرُوا إِلَى اللَّهِ سَيْرًا جَمِيلًا، وَاذْكُرُوهُ ذِكْرًا كَثِيرًا. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>