للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، بِتَسْمِيَةِ الْفَرِيقَيْنِ مُسْلِمِينَ، كَمَا سَنُورِدُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ عَمَّارًا لَمَّا قُتِلَ قَالَ عَلِيٌّ لِرَبِيعَةَ وَهَمْدَانَ: أَنْتُمْ دِرْعِي وَرُمْحِي. فَانْتُدِبَ لَهُ نَحْوٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَتَقَدَّمَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ فَحَمَلَ وَحَمَلُوا مَعَهُ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَبْقَ لِأَهْلِ الشَّامِ صَفٌّ إِلَّا انْتَقَضَ، وَقَتَلُوا كُلَّ مَنِ انْتَهَوْا إِلَيْهِ، حَتَّى بَلَغُوا مُعَاوِيَةَ، وَعَلِيٌّ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ:

أَضْرِبُهُمْ وَلَا أَرَى مُعَاوِيَةْ ... الْجَاحِظَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَ الْحَاوِيَةْ

قَالَ ثُمَّ دَعَا عَلِىٌّ مُعَاوِيَةَ إِلَى أَنْ يُبَارِزَهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنْ يَبْرُزَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُبَارِزْهُ رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا قَتَلَهُ، وَلَكِنَّكَ طَمِعْتَ فِيهَا بَعْدِي. ثُمَّ قَدَّمَ عَلِيٌّ ابْنَهُ مُحَمَّدًا فِي عِصَابَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَاتَلُوهُ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيٌّ فِي عِصَابَةٍ أُخْرَى فَحَمَلَ بِهِمْ، فَقَتَلَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ خَلْقًا كَثِيرًا أَيْضًا، وَقُتِلَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَيْضًا، وَطَارَتْ أَكُفٌّ وَمَعَاصِمُ وَرُءُوسٌ عَنْ كَوَاهِلِهَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - ثُمَّ حَانَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، فَمَا صَلَّى بِالنَّاسِ إِلَّا إِيمَاءً ; صَلَاتَيِ الْعِشَاءِ، وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كُلِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>