عَلِيٌّ: فَإِنِّي أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ حَكَمًا. فَقَالُوا: وَهَلْ سَعَّرَ، الْأَرْضَ إِلَّا الْأَشْتَرُ؟ قَالَ: فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ. فَقَالَ الْأَحْنَفُ لِعَلِيٍّ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَمَيْتَ بِحَجَرٍ، إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى يَصِيرَ فِي أَكُفِّهِمْ، وَيَبْعُدُ عَنْهُمْ حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ، فَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي حَكَمًا فَاجْعَلْنِي ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا، فَإِنَّهُ لَنْ يَعْقِدَ عُقْدَةً إِلَّا حَلَلْتُهَا، وَلَا يَحُلَّ عُقْدَةً عَقَدْتُهَا إِلَّا عَقَدْتُ لَكَ أُخْرَى مِثْلَهَا أَوْ أَحْكَمَ مِنْهَا. قَالَ: فَأَبَوْا إِلَّا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ. فَذَهَبَتِ الرُّسُلُ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ - فَلَمَّا قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. قِيلَ لَهُ: وَقَدْ جُعِلْتَ حَكَمًا. فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ أَخَذُوهُ حَتَّى أَحْضَرُوهُ إِلَى عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا هَذِهِ صُورَتُهُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ اكْتُبِ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ هُوَ أَمِيرُكُمْ وَلَيْسَ بِأَمِيرِنَا. فَقَالَ الْأَحْنَفُ: لَا تَكْتُبْ إِلَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: امْحُهُ، وَاكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ اسْتَشْهَدَ عَلِيٌّ بِقِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ امْتَنَعَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ قَوْلِهِ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute