للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ، فَتَمْرُقُ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ، فَيَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» . وَرَوَاهُ أَيْضًا، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ عَوْفٍ ; وَهُوَ الْأَعْرَابِيُّ، بِهِ مِثْلَهُ. فَهَذِهِ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ قِطْعَةَ الْعَبْدِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الرُّفَعَاءِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِنَحْوِهِ.

فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ طِبْقَ مَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ الطَّائِفَتَيْنِ ; أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، لَا كَمَا يَزْعُمُهُ فِرْقَةُ الرَّافِضَةِ، أَهْلُ الْجَهْلِ وَالْجَوْرِ، مِنْ تَكْفِيرِهِمْ أَهْلَ الشَّامِ. وَفِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ عَلِيٍّ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مُجْتَهِدًا فِي قِتَالِهِ لَهُ وَقَدْ أَخْطَأَ، وَهُوَ مَأْجُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنْ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامُ الْمُصِيبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَهُ أَجْرَانِ كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» . وَسَيَأْتِي بَيَانُ كَيْفِيَّةِ قِتَالِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِلْخَوَارِجِ، وَصِفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>