للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرَّحْمَنِ: ٣٣ - ٣٦]. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: (يَوْمَ التَّنَادِّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، أَي يَوْمَ الْفِرَارِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ يُحِلُّ اللَّهُ بِهِمُ الْبَأْسَ، فَيَوَدُّونَ الْفِرَارَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ. فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: ١٢، ١٣]. ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ عَنْ نُبُوَّةِ يُوسُفَ فِي بِلَادِ مِصْرَ; مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ، وَهَذَا مِنْ سُلَالَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ، وَأَنْ لَا يُشْرِكُوا بِهِ أَحَدًا مِنْ بَرِّيَّتِهِ، وَأَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، أَنَّ مِنْ سَجِيَّتِهِمُ التَّكْذِيبَ بِالْحَقِّ وَمُخَالَفَةَ الرُّسُلِ; وَلِهَذَا قَالَ: فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا أَيْ; وَكَذَّبْتُمْ فِي هَذَا. وَلِهَذَا قَالَ: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ أَيْ; يَرُدُّونَ حُجَجَ اللَّهِ وَبَرَاهِينَهُ وَدَلَائِلَ تَوْحِيدِهِ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا دَلِيلٍ عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ يَمْقُتُهُ اللَّهُ غَايَةَ الْمَقْتِ; أَيْ يُبْغِضُ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِ مِنَ النَّاسِ، وَمَنِ اتَّصَفَ بِهِ مِنَ الْخَلْقِ، كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ وَبِالنَّعْتِ، وَكِلَاهُمَا مُتَلَازِمٌ; أَيْ هَكَذَا إِذَا خَالَفَتِ الْقُلُوبُ الْحَقَّ، وَلَا تُخَالِفُهُ إِلَّا بِلَا بُرْهَانٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَطْبَعُ عَلَيْهَا; أَيْ يَخْتِمُ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>