للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِنَ الِارْتِفَاعِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذَا الصَّرْحَ، وَهُوَ الْقَصْرُ الَّذِي بَنَاهُ وَزِيرُهُ هَامَانُ لَهُ، لَمْ يُرَ بِنَاءٌ أَعْلَى مِنْهُ، وَأَنَّهُ كَانَ مَبْنِيًّا مِنَ الْآجُرِّ الْمَشْوِيِّ بِالنَّارِ، وَلِهَذَا قَالَ: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} [القصص: ٣٨] وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يُسَخَّرُونَ فِي ضَرْبِ اللَّبِنِ، وَكَانَ مِمَّا حَمَلُوا مِنَ التَّكَالِيفِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُسَاعَدُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِيهِ، بَلْ كَانُوا هُمُ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ تُرَابَهُ وَتِبْنَهُ وَمَاءَهُ، وَيُطْلَبُ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ قِسْطٌ مُعَيَّنٌ، إِنْ لَمْ يَفْعَلُوهُ وَإِلَّا ضُرِبُوا وَأُهِينُوا غَايَةَ الْإِهَانَةِ، وَأُوذُوا غَايَةَ الْأَذِيَّةِ. وَلِهَذَا قَالُوا لِمُوسَى: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٢٩] فَوَعَدَهُمْ بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ لَهُمْ عَلَى الْقِبْطِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ، وَهَذَا مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ.

وَلْنَرْجِعْ إِلَى نَصِيحَةِ الْمُؤْمِنِ وَمَوْعِظَتِهِ وَاحْتِجَاجِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ - يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ - مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: ٣٨ - ٤٠]

[غَافِرٍ: ٣٨ - ٤٠] . يَدْعُوهُمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى طَرِيقِ الرَّشَادِ وَالْحَقِّ، وَهِيَ مُتَابَعَةُ نَبِيِّ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>