للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَوَابٌ إِلَّا أَنْ تَبَادَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنْ لَا تُخَاطِبُوهُمْ وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ وَتَهَيَّئُوا لِلِقَاءِ الرَّبِّ، عَزَّ وَجَلَّ، الرَّوَاحَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ! وَتَقَدَّمُوا فَاصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، وَتَأَهَّبُوا لِلنِّزَالِ، فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ زَيْدَ بْنَ حُصَيْنٍ الطَّائِيَّ السِّنْبِسِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ شُرَيْحَ بْنَ أَوْفَى، وَعَلَى خَيَّالَتِهِمْ حَمْزَةَ بْنَ سِنَانٍ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْرٍ السَّعْدِيَّ، وَوَقَفُوا مُقَاتِلِينَ لِعَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ.

وَجَعَلَ عَلِيٌّ عَلَى مَيْمَنَتِهِ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ أَوْ مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحِيَّ، وَعَلَى خَيَّالَتِهِ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ - وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ - قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَأَمَرَ عَلِيٌّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَرْفَعَ رَايَةَ أَمَانٍ لِلْخَوَارِجِ، وَيَقُولَ لَهُمْ: مَنْ جَاءَ إِلَى هَذِهِ الرَّايَةِ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنِ انْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْمَدَائِنِ فَهُوَ آمِنٌ، إِنَّهُ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي دِمَائِكُمْ، إِلَّا فِي مَنْ قَتَلَ إِخْوَانَنَا.

فَانْصَرَفَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ كَثِيرُونَ، وَكَانُوا فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا أَلْفٌ - أَوْ أَقَلُّ - مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الرَّاسِبِيِّ، فَزَحَفُوا إِلَى عَلِيٍّ فَقَدَّمَ عَلِيٌّ بَيَنَ يَدَيْهِ الْخَيْلَ، وَقَدَّمَ مِنْهُمُ الرُّمَاةَ، وَصَفَّ الرَّجَّالَةَ وَرَاءَ الْخَيَّالَةِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُفُّوا عَنْهُمْ حَتَّى يَبْدَأُوكُمْ. وَأَقْبَلَتِ الْخَوَارِجُ وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، الرَّوَاحَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ! فَحَمَلُوا عَلَى الْخَيَّالَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ عَلِيٌّ، فَفَرَّقُوهُمْ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>