أَنْ يَسْكُنَ تِلْكَ الدَّارَ الَّتِي هُوَ فِيهَا إِلَّا ارْتَحَلَ مِنْهَا. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ اسْتَحْضَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ مِنَ السِّجْنِ فَأَحْضَرَ النَّاسَ النِّفْطَ وَالْبَوَارِيَّ لِيُحَرِّقُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ أَوْلَادُ عَلِيٍّ: دَعَوْنَا نَشْتَفِي مِنْهُ. فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَا فَتَرَ عَنِ الذِّكْرِ، ثُمَّ كُحِلَتْ عَيْنَاهُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَقَرَأَ سُورَةَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] إِلَى آخِرِهَا، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلَانِ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ حَاوَلُوا لِسَانَهُ لِيَقْطَعُوهُ، فَجَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَمْكُثَ فِي الدُّنْيَا فَوَاقًا لَا أَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ. فَقُتِلَ عِنْدَ ذَلِكَ وَحُرِّقَ بِالنَّارِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ رَجُلًا أَسْمَرَ، حَسَنَ الْوَجْهِ، أَبْلَجَ، شَعْرُهُ مَعَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ، فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِقَتْلِهِ بُلُوغُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ ; فَإِنَّهُ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ. قَالُوا: لِأَنَّهُ كَانَ قُتِلَ مُحَارَبَةً لَا قِصَاصًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ طَعْنُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ الْجُمْعَةَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، بِلَا خِلَافٍ. فَقِيلَ: مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْأَحَدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْهُ. قَالَ الْفَلَّاسُ: وَقِيلَ: ضُرِبَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَمَاتَ لَيْلَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَنْ تِسْعٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute