فِرْعَوْنَ. وَقَدْ أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ; كَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَيُقَالُ إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ خَطَبَ بِهِ النَّاسَ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: مَا بَغَضْتُ أَحَدًا بُغْضِي لِفِرْعَوْنَ، حِينَ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى. وَلَقَدْ جَعَلْتُ أَدُسُّ فِي فِيهِ الطِّينَ حِينَ قَالَ مَا قَالَ» وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١] اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَنَصٌّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ تَعَالَى مِنْهُ; ذَلِكَ لِأَنَّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَوْ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا كَمَا كَانَ، لَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ، إِذَا عَايَنُوا النَّارَ وَشَاهَدُوهَا، أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ٢٧] . قَالَ اللَّهُ: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: ٢٨] . وَقَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: ٩٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: شَكَّ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مَوْتِ فِرْعَوْنَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَا يَمُوتُ. فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ، فَرَفَعَهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ - قِيلَ: عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ. وَقِيلَ: عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ - وَعَلَيْهِ دِرْعُهُ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا مِنْ مَلَابِسِهِ; لِيَتَحَقَّقُوا بِذَلِكَ هَلَاكَهُ، وَيَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ; وَلِهَذَا قَالَ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: ٩٢] أَيْ; مُصَاحِبًا دِرْعَكَ الْمَعْرُوفَةَ بِكَ لِتَكُونَ أَيْ; أَنْتَ آيَةً {لِمَنْ خَلْفَكَ} [يونس: ٩٢] أَيْ; مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، دَلِيلًا عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ الَّذِي أَهْلَكَهُ. وَلِهَذَا قَرَأَ بَعْضُ السَّلَفِ: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلَقَكَ آيَةً) . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: نُنَجِّيكَ مُصَاحِبًا دِرْعَكَ; لِيَكُونَ دِرْعُكَ عَلَامَةً لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute