وَعَدُوَّنَا؟ فَدَعَوْنَا حَتَّى نُقَاتِلَهُ، فَإِنْ أَصَبْنَاهُ كُنَّا قَدْ كَفَيْنَاكُمُوهُ، وَإِنْ أَصَابَنَا كُنْتُمْ قَدْ كَفَيْتُمُونَا. فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ حَتَّى نُقَاتِلَكُمْ. فَقَالَتِ الْخَوَارِجُ: يَرْحَمُ اللَّهُ إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ كَانُوا أَعْلَمَ بِكُمْ يَا أَهْلِ الْكُوفَةِ. فَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَطَرَدُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَتُوَلِّيهِ الْكُوفَةَ وَأَبُوهُ بِمِصْرَ وَتَبْقَى أَنْتَ بَيْنَ لَحْيَيِ الْأَسَدِ؟ ! فَثَنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَوَلَّى عَلَيْهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَاجْتَمَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِمُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَتَجْعَلُ الْمُغِيرَةَ عَلَى الْخَرَاجِ، هَلَّا وَلَّيْتَ الْخَرَاجَ رَجُلًا آخَرَ. فَعَزَلَهُ عَنِ الْخَرَاجِ وَوَلَّاهُ عَلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِعَمْرٍو فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ الْمُشِيرَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهَذِهِ بِتِلْكَ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَثَبَ حُمْرَانِ بْنُ أَبَانَ عَلَى الْبَصْرَةَ فَأَخَذَهَا وَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ جَيْشًا لِيَقْتُلُوهُ وَمَنْ مَعَهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَسَأَلَهُ فِي الصَّفْحِ عَنْهُمْ وَالْعَفْوِ، فَعَفَا عَنْهُمْ وَأَطْلَقَهُمْ، وَوَلَّى عَلَى الْبَصْرَةِ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاةَ، فَتَسَلَّطَ عَلَى أَوْلَادِ زِيَادٍ يُرِيدُ قَتْلَهُمْ ; وَذَلِكَ أَنْ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِمْ لِيَحْضُرَ إِلَيْهِ فَتَلَبَّثَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بُسْرٌ: لَئِنْ لَمْ تُسْرِعُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِلَّا قَتَلْتُ بَنِيكَ. فَبَعَثَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ، فَأَخَذَ لَهُ أَمَانًا مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ مُعَاوِيَةُ لَأَبَى بَكْرَةَ: هَلْ مِنْ عَهِدٍ تَعْهَدُهُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَعْهَدُ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَنْظُرَ لِنَفْسِكَ وَرَعِيَّتِكَ وَتَعْمَلَ صَالِحًا، فَإِنَّكَ قَدْ تَقَلَّدْتَ عَظِيمًا، خِلَافَةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ لَكَ غَايَةً لَا تَعْدُوهَا، وَمِنْ وَرَائِكَ طَالِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute