للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَئِذٍ قَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِعَمْرٍو ; أَسْلَمَ وَكَانَ عَلَى خَيْرٍ فَمَاتَ عَلَيْهِ، نَرْجُو لَهُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسُّلْطَانِ وَأَشْيَاءَ، فَلَا أَدْرِي عَلَيَّ أَمْ لِي، فَإِذَا مِتُّ فَلَا تَبْكِيَنَّ عَلَيَّ بَاكِيَةٌ، وَلَا تُتْبِعْنِي مَادِحًا وَلَا نَارًا، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، وَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، فَإِنَّ جَنْبِي الْأَيْمَنَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِالتُّرَابِ مِنْ جَنْبِي الْأَيْسَرِ، وَلَا تَجْعَلُنَّ فِي قَبْرِي خَشَبَةً وَلَا حَجَرًا، وَإِذَا وَارَيْتُمُونِي فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا ; أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَفِيهِ زِيَادَاتٌ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ حَسَنَةٌ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ: كَيْ أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ لِأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ بَعْدَ هَذَا حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ وَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَمَرْتَنَا فَعَصَيْنَا، وَنَهَيْتَنَا فَمَا انْتَهَيْنَا، وَلَا يَسَعُنَا إِلَّا عَفْوُكَ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الْغُلِّ مِنْ عُنُقِهِ، وَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا قَوِيٌّ فَأَنْتَصِرَ، وَلَا بَرِيءٌ فَأَعْتَذِرَ، وَلَا مُسْتَكْبِرٌ بَلْ مُسْتَغْفِرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا حَتَّى مَاتَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>