للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ هَاهُنَا: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: ١٣٧] أَيْ: أَهْلَكَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ، وَسَلَبَهُمْ عِزَّهُمُ الْعَزِيزَ الْعَرِيضَ فِي الدُّنْيَا، وَهَلَكَ الْمَلِكُ وَحَاشِيَتُهُ، وَأُمَرَاؤُهُ، وَجُنُودُهُ، وَلَمْ يَبْقَ بِبَلَدِ مِصْرَ سِوَى الْعَامَّةِ وَالرَّعَايَا. فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، فِي " تَارِيخِ مِصْرَ "، أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ تَسَلَّطَ نِسَاءُ مِصْرَ عَلَى رِجَالِهَا; بِسَبَبِ أَنَّ نِسَاءَ الْأُمَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ تَزَوَّجْنَ بِمَنْ دُونَهُنَّ مِنَ الْعَامَّةِ فَكَانَتْ لَهُنَّ السَّطْوَةُ عَلَيْهِمْ وَاسْتَمَرَّتْ هَذِهِ سُنَّةَ نِسَاءِ مِصْرَ إِلَى يَوْمِكَ هَذَا.

وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أُمِرُوا بِالْخُرُوجِ مِنْ مِصْرَ، جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الشَّهْرَ أَوَّلَ سَنَتِهِمْ، وَأُمِرُوا أَنْ يَذْبَحَ كُلُّ أَهْلِ بَيْتٍ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ، فَإِنْ كَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى حَمَلٍ، فَلْيَشْتَرِكِ الْجَارُ وَجَارُهُ فِيهِ، فَإِذَا ذَبَحُوهُ فَلْيَنْضَحُوا مِنْ دَمِهِ عَلَى أَعْتَابِ أَبْوَابِهِمْ; لِيَكُونَ عَلَّامَةً لَهُمْ عَلَى بُيُوتِهِمْ، وَلَا يَأْكُلُونَهُ مَطْبُوخًا، وَلَكِنْ مَشْوِيًّا بِرَأْسِهِ، وَأَكَارِعِهِ، وَبَطْنِهِ، وَلَا يُبْقُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَكْسِرُوا لَهُ عَظْمًا، وَلَا يُخْرِجُوا مِنْهُ شَيْئًا إِلَى خَارِجِ بُيُوتِهِمْ، وَلْيَكُنْ خُبْزُهُمْ فَطِيرًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَتِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ، فَإِذَا أَكَلُوا، فَلْتَكُنْ أَوْسَاطُهُمْ مَشْدُودَةً، وَخِفَافُهُمْ فِي أَرْجُلِهِمْ، وَعِصِيُّهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلْيَأْكُلُوا بِسُرْعَةٍ قِيَامًا، وَمَهْمَا فَضَلَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>