ثُمَّ رَوَى الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ مَوْتَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَقُلْتُ لِلْحُسَيْنِ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُثِرْ فِتْنَةً وَلَا تَسْفِكِ الدِّمَاءَ، وَادْفِنْ أَخَاكَ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ ; فَإِنَّ أَخَاكَ قَدْ عَهِدَ بِذَلِكَ إِلَيْكَ. قَالَ: فَفَعَلَ الْحُسَيْنُ. وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوًا مِنْ هَذَا.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْحَسَنَ بَعَثَ يَسْتَأْذِنُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، فَأَذِنَتْ لَهُ، فَلَمَّا مَاتَ لَبِسَ الْحُسَيْنُ السِّلَاحَ وَتَسَلَّحَ بَنُو أُمَيَّةَ، وَقَالُوا: لَا نَدَعُهُ يُدْفَنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيُدْفَنُ عُثْمَانُ بِالْبَقِيعِ، وَيُدْفَنُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي الْحُجْرَةِ؟ فَلَمَّا خَافَ النَّاسُ وُقُوعَ الْفِتْنَةِ أَشَارَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ عَلَى الْحُسَيْنِ أَنْ لَا يُقَاتِلَ، فَامْتَثَلَ وَدَفَنَ أَخَاهُ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ أُمِّهِ بِالْبَقِيعِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَدَّمَ يَوْمَئِذٍ سَعِيدَ بْنِ الْعَاصِ فَصَلَّى عَلَى الْحَسَنِ. وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قَدَّمْتُهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُسَاوِرٌ مَوْلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَائِمًا عَلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَاتَ الْيَوْمَ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْكُوا.
وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِجِنَازَتِهِ، حَتَّى مَا كَانَ الْبَقِيعُ يَسَعُ أَحَدًا مِنَ الزِّحَامِ، وَقَدْ بَكَاهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ سَبْعًا، وَاسْتَمَرَّ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ يَنُحْنَ عَلَيْهِ شَهْرًا، وَحَدَّتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute